بيان صادر عن نقابة المحامين الفلسطينيين
نقابة المحامين: التعديلات التشريعية الأخيرة تأتي في سياق الفهم الخاطىء لتطوير القضاء وتقوض العدالة وتدفع بإتجاه إنهيار المنظومة القضائية بشكل كامل.
ببالغ الخطورة تلقت نقابة المحامين خبر نشر التعديلات التشريعية الأخيرة الواقعة على جملة من القوانين الإجرائية (قانون الإجراءات الجزائية، قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية، قانون البينات وقانون التنفيذ) والتي نشرت في مجلة الوقائع الرسمية في العدد الممتاز رقم 26 بتاريخ 6/3/2022. وفي هذا السياق، توضح نقابة المحامين أن هذه التعديلات تضمنت جملة من المخالفات الدستورية الجسيمة لا سيما التعديلات القائمة على قانون الإجراءات الجزائية، إضافة إلى حالة الإرهاق القضائي التي ستنشأ نتيجة نفاذ هذه التعديلات والتي حتما سيتحمل عبئها المتقاضين والسادة القضاة في ظل عدم توافر البنية التحتية الفنية والمادية اللازمة.
وأمام هذه المعطيات، فإن نقابة المحامين توضح أنها في أواخر شهر كانون ثاني يناير الماضي كانت قد تلقت معلومة عن وجود مقترحات و/أو تعديلات تشريعية على هذه القوانين وعلى الفور تواصلت مع مكتب السيد الرئيس وإجتمعت مع المستشار القانوني للسيد الرئيس وأرسلت مذكرة خطية توضح فيها مثالب هذه التعديلات وأثرها السلبي على العدالة والعملية القضائية برمتها، توجت بصدور تعليمات فخامة الرئيس بإحالة الأمر للمناقشة والتشاور من قبل المجلس التنسيقي الذي يضم كل من نقيب المحامين ورئيس مجلس القضاء الأعلى والمستشار القانوني للسيد الرئيس، إلا أننا في نقابة المحامين تفاجئنا من نشر هذه التعديلات في العدد المذكور من الوقائع.
إننا في نقابة المحامين ومن منطلق الواجبات الوطنية والمهنية التي كلفنا بها المشرع الدستوري ومن باب هذه الأمانة لا بد أن نقرع جدار الخزان مرة أخرى بالتأكيد أن هذه التعديلات وبطريقة إخراجها لا يمكن أن تخدم عملية تطوير القضاء وستلقي بظلالها سلبا على العدالة في فلسطين مما يدفع بإتجاه إنهيار شامل لهذا المرفق.
إن التحدي الحقيقي بنفاذ هذه التعديلات فيما يتصل بتعديلات قانون الإجراءات الجزائية هو جسامة إنتهاكه لحق الدفاع المقدس ولقرينة البراءة الملاصقة للمتهم كمحددات دستورية واجبة التطبيق إحتراما وتجسيداً للكرامة الإنسانية التي طالما ناضلنا كفلسطينيين من أجل تحقيقها.
أما فيما يتصل من تعديلات على القوانين الإجرائية الأخرى والتي أحدثت تغيير جوهري في منظومة إجراءات التقاضي المدني والتجاري فإنها جاءت دون أدنى تهيئة لمقومات إمكانية تطبيقها في ظل غياب البنية التحتية الفنية والمادية اللازمة لحملها وتطبيقها، وبهذا نؤكد أنها وفي شكل ومنطق تطبيقها ستشكل عبء ثقيل على كاهل المتقاضين والجهاز القضائي ممثلا بالسادة القضاة والموظفين الإداريين وتحتاج وقت كاف لفهم مضمونها وتفاصيلها ومنطق تطبيقها.
إننا في نقابة المحامين إذ نؤمن دوما أن الشراكة في العمل هي مفتاح النجاح، إلا أننا نتفاجىء في كل مرة أن رئيس مجلس القضاء الأعلى يتناسى أن المحاماة هي العمود الفقري للعمل القضائي ويعتقد أنه يملك الحقيقة المطلقة ويقترح ما يريد دون أدنى مشاركة أو تشاور مع الشركاء في منظومة العدالة في سياق يسيء للمحاماة في فلسطين ولشعبنا برمته وبمختلف قطاعاته ومؤسساته كجمهور متقاضين، ويحدث حالة إرباك على مستوى الشارع الفلسطيني ويجعل من دولة فلسطين ونظامها السياسي محل للإنتقاد من قبل المؤسسات الدولية.
وأمام خطورة هذه التعديلات، وإنطلاقاً من الواجبات التي كلف بها المشرع الدستوري نقابة المحامين بالدفاع عن مبدأ سيادة القانون فقد قرر مجلس النقابة كخطوة تحذيرية إزاء ما يحدث الآتي:
أولاً: تعليق شامل للعمل يوم الخميس الموافق 10/3/2022 أمام كافة المحاكم النظامية والعسكرية والنيابات العامة المدنية والعسكرية دون أي استثناءات تذكر، وتكليف اللجان الفرعية في المحافظات لمتابعة تنفيذ هذا القرار.
ثانياً: يبقى المجلس في حالة إنعقاد دائم لمتابعة تطورات دعوة نقيب المحامين لإجتماع روؤساء قطاع العدالة خلال الأيام القليلة القادمة بعد توصية فخامة الرئيس بعرض كافة التنسيبات المتعلقة بتعديلات القوانين لمناقشتها والتشاور حولها، وسيتخذ المجلس خطواته اللاحقة بناءا على مخرجات هذا الإجتماع.
كانت وستبقى نقابة المحامين قلعة للحقوق والحريات العامة
تحريراً في 9 آذار مارس 2022.
مجلس نقابة المحامين